1- احرص على الاستماع كل يومإن أهم
مشروع في حياة المؤمن هو حفظ القرآن الكريم، فهذا المشروع قد يغير حياتك
بالكامل، ونصيحتنا الأولى لك وأنت على طريق حفظ القرآن، أن تبدأ بالاستماع
إلى القرآن كل يوم لأطول مدة ممكنة. فهذا الاستماع سيحدث تغييراً في نظام
عمل الدماغ لديك، فقد أثبت العلماء أن كل صوت يسمعه الإنسان ويكرره لعدة
مرات يحدث تغييراً في نظام عمل الخلايا، وبالتالي فإن استماعك للقرآن يعني
أنك ستعيد برمجة خلايا دماغك وفق كتاب الله تعالى وما جاء فيه من تعاليم
وأحكام. ولكي نضمن التغيير الإيجابي الفعال يجب أن نستمع إلى القرآن بخشوع
كامل، وهذا ما أمرنا به الله بقوله: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف: 204].
2- ليكن هدفك رضوان الله تعالى
إن أي
مشروع لابد أن يكون له هدف لينجح ويثمر، وهذا سؤال يجب أن توجهه لنفسك قبل
أن تبدأ هذا المشروع: لماذا أحفظ القرآن؟ وحاول أن تكون الإجابة أنني أحفظ
القرآن حبّاً في الله وابتغاء مرضاته ولأفوز بسعادة الدنيا والآخرة. فإذا
كان هذا هو الهدف فتكون قد قطعت نصف الطريق في الحفظ. حاول أن تجلس وتفكر
بفوائد حفظ القرآن، وكيف سيغير حياتك كما غير حياة من حفظه من قبلك. ويجب
أن تعتقد أن الله سييسر لك حفظ القرآن فهو القائل: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: 17].
3- ابدأ من السورة التي تحبها
ابدأ من
السورة التي تحبها وتظن بأنها سهلة الحفظ، وحاول أن تستمع إلى هذه السورة
عشر مرات أو عشرين مرة، ثم افتح القرآن على هذه السورة وستجد أنها مألوفة
بالنسبة لك وسهلة الحفظ لأنها ستنطبع في خلايا دماغك بعد الاستماع إليها
أكبر عدد من المرات! ولكن أثناء الحفظ جزّئ السورة لعدد من المقاطع حسب
المعنى اللغوي، وابدأ بقراءة المقطع الأول وكرره حتى تحفظه، ثم تكرر المقطع
الثاني حتى تحفظه، وهكذا حتى نهاية السورة. وأخيراً تربط كل مقطعين من
خلال قراءتهما معاً وكرر هذه العملية مع بقية مقاطع السورة حتى تتمكن من
حفظها بإذن الله. وكلما بدأت بقراءة القرآن اقرأ قوله تعالى: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [العنكبوت: 49].
4- اجعل همَّك مرضاة الله
لا تجعل
همَّك هو حفظ القرآن من أجل أن يُقال عنك إنك حافظ لكتاب الله، بل لتكن
نيَّتك أنك تحفظ القرآن ابتغاء مرضاة الله ولتتقرب من الله ولتدرك من هو
الله، فمن أحب أن يعرف من هو الله فليقرأ كتاب الله تعالى! إذاً النية مهمة
أثناء الحفظ والله سييسر لك حفظ القرآن ولكن بشرط أن تخلص النية، وأن يكون
همُّك مرضاة الله أولاً وأخيراً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيَّات). وأحب
الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ، فحاول أن تحفظ كل يوم القليل ولكن إياك
أن تنقطع عن الحفظ لأي سبب كان. وكلما تعبت من الحفظ أعط نفسك شيئاً من
الاستراحة ولتكن استراحتك وراحتك في الصلاة وتدبر القرآن والتفكر في خلق
الكون، وآيات الإعجاز العلمي.
5- احرص على الاستماع إلى القرآن أثناء النوم
تبين
للعلماء أن الدماغ يبقى في حالة نشاط أثناء النوم، حيث يقوم بمعالجة
المعلومات التي اختزنها طيلة النهار وترتيبها وتنسيقها في خلايا خاصة، فبعد
أبحاث طويلة تبين أن دماغ الإنسان النائم يستطيع تمييز الأصوات وتحليلها
وتخزينها أيضاً. وإذا علمنا أن الإنسان يمضي ثلث عمره في النوم يمكننا أن
ندرك أهمية الاستماع إلى القرآن أثناء النوم كوسيلة تساعدك على حفظ القرآن
دون بذل أي جهد يُذكر. ولذلك يمكن لكل واحد منا أن يستفيد من نومه ويستمع
لصوت القرآن وهذا سيساعده على تثبيت حفظ الآيات. ولا ننسى قول الله تعالى
عن النوم وأنه آية من آيات الله: (وَمِنْ آَيَاتِهِ
مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) [الروم: 23].
6- استثمر طاقة الصيام
إن للجسم
مستويات محددة من الطاقة بشكل دائم، فعندما توفر جزءاً كبيراً من الطاقة
بسبب الصيام والامتناع عن الطعام والشراب، وتوفر قسماً آخر بسبب النقاء
والخشوع الذي يخيم عليك بسبب طاقة الصيام، وتوفر طاقة كبيرة بسبب الاستقرار
الكبير الذي يحدثه الصيام لديك ، فإن هذا يعني أن الطاقة الفعالة لديك
ستكون في قمتها أثناء الصيام، وتستطيع أن تحفظ القرآن بسهولة، لأن الطاقة
المتوافرة لديك تؤمن لك الإرادة الكافية لذلك. وهذا يعني أن شهر رمضان هو
أنسب الأوقات للبدء بحفظ القرآن! فهل تستجيب لنداء الحق تبارك وتعالى وتبدأ
بهذا المشروع الرابح؟ يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ
يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ *
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ
شَكُورٌ) [فاطر: 29-30] حاول أن تستغل فترة الليل في حفظ السورة التي كررت سماعها من قبل.
7- أكثر من قراءة القرآن قدر المستطاع
إن حفظ
القرآن يعني أنك تأخذ على كل حرف عشر حسنات! وإذا علمت مثلاً بأن عدد حروف
سورة الفاتحة هو 139 حرفاً، فهذا يعني أنك كلما قرأتها سوف يزيد رصيدك عند
الله تعالى 139 × 10 = 1390 حسنة، وكل حسنة من هذه الحسنات خير من الدنيا
وما فيها!! وتأمل كم من الحسنات ستأخذ عندما تقرأ القرآن كله والمؤلف من
أكثر من ثلاث مئة ألف حرف!!! قال صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من القرآن فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها).
8- علِّم ولدك القرآن قبل أن يأتي إلى الدنيا
أثبت
العلماء حديثاً أن الجنين في بطن أمه وبعد الليلة الثانية والأربعين يبدأ
يتفاعل مع المؤثرات الخارجية ثم يتفاعل مع الأصوات التي يسمعها وهو في بطن
أمه. ولذلك يجب على كل أمّ أن تسمع جنينها شيئاً من القرآن وبعد الولادة
تستمر في ذلك، وسوف تتأثر خلايا دماغه وقلبه بكلام الله تعالى، وتكون بذلك
قد هيَّأت طفلك لحفظ القرآن قبل أن يأتي إلى الدنيا! يقول تبارك وتعالى: (وَاللَّهُ
أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ) [النحل: 78].
9- لتكن أخلاقك القرآن
عندما
تحفظ القرآن سوف تمتلك قوة في أسلوبك بسبب بلاغة آيات القرآن، سوف تصبح
أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين والتحمّل والصبر، سوف تكون في سعادة لا
توصف، فحفظ القرآن ليس مجرد حفظ لقصيدة شعر أو لقصة وأغنية! بل إنك عندما
تحفظ القرآن إنما تُحدث تغييراً في نظرتك لكل شيء من حولك، وسوف يكون سلوكك
تابعاً لما تحفظ. فقد سئلت سيدتنا عائشة رضي الله تعالى عنها عن خُلُق
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان خُلُقه القرآن)!! فإذا أردت أن تكون أخلاقك مثل أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فعليك بحفظ القرآن.
10- احرص على ترتيل القرآن وتجويده
من أجمل
الأشياء التي تساعدك على القراءة لفترات طويلة أن تقرأ القرآن بصوت حسن
وترتله ترتيلاً كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بذلك فقال: (وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا)
[المزمل: 4]. فالقراءة بصوت مرتفع قليلاً وبتجويد الصوت وترتيله تجعلك تحس
بلذة القراءة والحفظ. وحاول أن تقلد أحكام التجويد كما تسمعها من المقرئ
من خلال المسجل أو الجوال أو الكمبيوتر أو التلفزيون أو الراديو، فكلها
وسائل سخرها الله لتساعدنا على حفظ القرآن. يقول تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: 17]. وحاول أن تركز انتباهك في كل كلمة تسمعها وتعيش معها وتحلق بخيالك مع معاني الآيات. وكرر ما تحفظه مراراً وتكراراً.
11- احرص على الشفاء بالقرآن
القرآن
فيه شفاء لكل شيء، فإذا أصابك هم أو غم فإن القرآن يذهب همك، وإذا مرضت فإن
القرآن يشفيك بإذن الله؟ وإذا أُصبت بعين حاسد فإن المعوذتين وآية الكرسي
تحفظك من أي مكروه. فإذا كانت تلاوة الفاتحة على المريض تشفيه بإذن الله،
فكيف بمن يحفظ كتاب الله كاملاً؟ وقد أثبت بعض الباحثين وجود قوة شفائية
غريبة في كل آية من آيات هذا الكتاب العظيم. وقد أثبتت التجارب والمشاهدات
أن الذي يحفظ القرآن يكون أقل عرضة للإصابة بالأمراض وبخاصة الأمراض
النفسية! ولذلك عندما تبدأ بمشروع حفظ القرآن سوف تحس بأنك قد وُلدت من
جديد. يقول تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
12- احرص على علاج أمراضك بالقرآن
تقول
الإحصائيات إن ثلث سكان العالم سيعانون من الاكتئاب بشكل أو بآخر وذلك في
السنوات القليلة القادمة. واليوم هناك بلايين الدولارات تنفق على علاج هذه
الظاهرة الخطيرة، ولكن هل تعلم أن العلاج بسيط ومجاني؟! فعندما تحفظ القرآن
وتكرره باستمرار فإنك ستجد لكل مرض وكل حالة تمر بها آيات مناسبة، فهناك
آيات للاكتئاب، وآيات لذهاب الحزن، وآيات لعلاج الانفعالات، وآيات للرزق
وآيات لتيسير الحمل والإنجاب، فكل هذه الآيات ستحملها في صدرك. وتستطيع
قراءتها عند الحاجة، وهذا يعني أنك ستمتلك أسباب الشفاء. وقد أثبتت
المشاهدات أن من يحفظ القرآن لا يعاني أبداً من هذه الظاهرة، فسبحان الله!
وتأملوا معي كيف ربط الله بين القرآن والشفاء والفرح، يقول تعالى: (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ
لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ
اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا
يَجْمَعُونَ) [يونس: 57-58].
13- سارع إلى الحفظ قبل أن يدركك الوقت!
حاول أن
تغتنم كل دقيقة من وقتك في تلاوة القرآن، تنتقي أصدقاءك وتتعرف على
الأتقياء لأن حفظ القرآن يتطلب بيئة مناسبة، فاحرص على مجالسة الصالحين
والعلماء وحفظة القرآن والمهتمين بتفسير القرآن، ولا تترك كلمة غامضة تمر
من القرآن إلا وتسأل عن تفسيرها. حاول أن تسأل عن أحكام التجويد، واعلم أن
هذه التقنية تشكل نصف الحفظ. لا تترك مقالة أو خبر أو فكرة تتعلق بالقرآن
إلا وتطلع عليها. حاول أن تتجنب الانفعالات والغضب والكلام السيء والنظر
إلى المحرمات، وأكثر من الدعاء بإخلاص: يا رب أعنِّي على حفظ كتابك واجعل
عملي هذا خالصاً لوجهك الكريم. يقول تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133].
14- كرر ما تحفظه من القرآن باستمرار
الدنيا
مثل السفينة التي تجري... فطالما أنك تقرأ القرآن وتذكر الله فأنت بخير،
ولا تدري متى يحين الأجل وتنقلب السفينة، ولن تجد أمامك إلا الله تعالى،
ولن ينفعك إلا كتاب الله! ففي كل يوم احرص على الاستماع إلى سورة محددة (أو
صفحة من سورة) وكرر الاستماع إليها، وبعد حفظها اقرأها في الصلاة ثم توضأ
في الليل وقف وصلي ركعتين قيام الليل وتقرأ ما حفظته خلال النهار، وستحسّ
بلذة عجيبة وتشعر بحلاوة الإيمان. ثم كرر ما حفظته أيضاً قبل النوم مباشرة،
وبعد الاستيقاظ مباشرة، فهذه الطريقة ترسخ الحفظ في عقلك الباطن فلا تنسى
منه شيئاً بإذن الله. وعليك بالتفكير بالآيات التي تقرأها قبل النوم، وهذه
الطريقة ستفتح قلبك وعقلك وتطور مداركك، يقول تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24].
15- ليكن شعارك: الإصرار على الحفظ
يقول
العلماء إن بعض الحيوانات تقوم بألف محاولة للحصول على رزقها! فهل فكرت أن
تقوم بعشر محاولات فقط لحفظ القرآن؟ ففي كل يوم قبل أن تنام فكر لمدة خمس
دقائق أنه يجب عليك أن تحفظ القرآن، أعط رسالة إيجابية لدماغك أن حفظ
القرآن هو أهم عمل في حياتي، إنه سيغير حياتي بالكامل، سيجعلني قريباً من
الله، سأكون مثل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كانت حياته كلها
"القرآن". وعندما تستيقظ أول شيء تفكر فيه أنه يجب عليك أن تحفظ القرآن،
وأعط أوامر لعقلك الباطن بذلك، وسوف تجد رغبة كبيرة في الحفظ بعد أيام
معدودة. فقد أثبت العلماء أن هاتين الفترتين من أهم الفترات التي يتصل بها
العقل الباطن مع العقل الواعي ويتقبل أي رسالة بسهولة! وتذكر قوله تعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [العنكبوت: 6].